يحدث أن نشعر أحياناً بغياب العدل من هذه الحياة، أن نستيقظ من أحلامنا لنصطدم بالواقع الصعب: أشخاصٌ يفتشون في النفايات على قوتهم اليومي، آخرون يُجبرون على قطع التعليم عن أولادهم لعجزهم عن دفع الأقساط المدرسية، فيما أن آخرين يجدون أن بيوتهم بين ليلة وضحاها أصبحت الطرقات. نعم، هذا الواقع بات يرسم ملامح ما سيكتبه التاريخ عن شعبٍ اشتهر بعزة نفسه وكرامته، وعجزه عن طلب المساعدة مهما ضاقت به السبل، لتنقلب حياته رأساً على عقب… ذات يوم.
لكن الأمل، كما يقول المثل الشهير، هو تلك النافذة الصغيرة التي مهما صغر حجمها، إلا انها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة! فوسط كل هذا الركام، نافذة أمل لا تشبه ما ألفه اللبنانيون سابقاً ظهرت لتساندهم، فغالباً ما تنتشل المساعدات المحتاجين من واقعهم لفترة زمنية محدودة ليعود السواد ويسكنهم من جديد، أما “نساند” فهي جمعية لبنانية جديدة تأخذ من “الإستدامة” عاموداً فقرياً لها.
تخيّل أن ذاك المكان الذي تهرب إليه من التعب والضجيج، ومن هموم الحياة يختفي بين يومٍ والثاني، تخيل أن تصبح فجأة من دون مأوى، وأن تصبح الشوارع معقل ذكرياتك الوحيد! هل تعلم أن أشخاصاً كثر يعيشون هذا الكابوس؟ إنطلاقاً من هذا الواقع، إتخذت “نساند” من هذه القضية هدفاً لها، صاببةً اهتمامها على توفير حق الإنسان الأساسي بالمأوى، بحيث يكون للأفراد والأسر فرصة الحصول على مكان يعيشون فيه، يحمي صحتهم، ويحتضنهم فيشعرون بالراحة النفسية، ويوفر لهم بيئة يسودها الأمان والاستقرار.
إلا أن الحياة العادلة المستدامة لا تنحصر بحصول الفرد على مأوى فحسب، بل بقدرته على تأمين محصوله الغذائي على المدى الطويل، لذلك لا بد من خطة لمساعدة المواطنين على الاكتفاء ذاتياً من دون الاتكال على مساعدة من هنا وأخرى من هناك، وهذا هو بالتحديد ما خططت له “نساند” عبر مشروع “زراعة بتغني”، من خلال توفير الدعم التقني والمشورة للمجتمعات، بتأمين الوسائل والموارد الكفيلة بتطوير حلول مخصّصة تضمن الاكتفاء الذاتي من حيث الغذاء.
لكن “نساند” تعي أن مكافحة الظلم والفقر وغياب العدل لا يحصل بكبسة زر، فلا بد من مد يد الإرشاد للأفراد والأسر في خطواتهم الاولى في رحلة الإكتفاء الذاتي، وهنا تحديداً يبرز دور مشروع “مونة بتكفي”. من خلال هذه المبادرة، يتم توزيع منتجات أساسية للأسر التي بدأت تعاني من الفقر وذلك لمساعدتها للخروج من الأزمة والانتقال إلى تأمين معيشتها بشكل مستدام.
هناك طرق عدة لإحداث فرقاً في المجتمع، أما جمعية “نساند” فلن تعطيك سمكة بل ستعلمك كيف تصطادها، على أمل المساعدة في الوصول الى العدالة الاجتماعية في لبنان، وان كان الطريق شاقاً.