مثلما عوّدتنا جوقة التضليل الإعلامي لمنظومة المصارف، عمدّ “فرنسبنك” أمس إلى تشويه الحدث القضائي المهمّ وغير المسبوق الذي شهده اللبنانيون بأعينهم والمتمثّل بإلقاء الحجز التنفيذي على خزينة المصرف الرئيسية وأسهمه وأملاكه تمهيداً لبيعها بالمزاد العلني سنداً لقرار القاضية في دائرة التنفيذ في بيروت ماريانا عناني لصالح أحد المودعين المُطالب بوديعته.
وتهافتَ المصرف و”أصحاب الرأي” على التحذير من تداعيات هذا الإجراء على مصالح بقية المودعين – هذه المصالح التي يضرّ “فرنسبنك” بها وينكثُ بالتزاماته تجاه أصحابها منذ أكثر من عامين – زاعمين تارة بأن هذا الحجز يطال رواتب القطاع العام والخاص، وطوراً بأنه يمسّ بودائع بقية المودعين. وكلّ هذه المزاعم هي في الحقيقة كاذبة ثم كاذبة ثم كاذبة.
ولمن لا يعلم، فإن قرار القاضية ماريانا عناني حصر الحجز بالخزائن “التي لا تتضمّن أموال مودعين أو أموال صرف” اي املاك واسهم البنك ، كما هو ثابت في محضر التنفيذ المرفقة صورته بالبيان الحاضر. أكثر من ذلك، حينَ تلقت مأمورة التنفيذ التي كانت تقوم بتنفيذ الحجز إشارة من القاضية عناني برفع الأختام عن أي خزائن لم يشملها قرار الحجز، بما فيها الصرّافات الآلية (ATM)، حاولَ ممثلو المصرف منعها بالقوة عن رفع الأختام قبلَ أن يمتثلوا لقرار القضاء بعدما دوّنت مأمورة التنفيذ عرقلتهم لمهمتها القضائية في محضر التنفيذ! واستخدمت الماكينة التضليلية للمصرف فيديو يصوّر عملية رفع الأختام عن الخزائن غير المشمولة بقرار الحجز لنشر إشاعات كاذبة مفادها أن المودع المعني بالحجز تسلّم وديعته “بالكامل”! وهذا أيضاً كذب، لأن المصرف أودع قبل أشهرٍ شيكاً بقيمة وديعة طالب الحجز لدى دائرة التنفيذ غير أن القاضية عناني رفضت إيقاف الحجز لعدم اعتبارها الشيك وسيلة إيفاء محقّة. وأُبرمَ قرار عناني هذا لدى محكمة التمييز قبل أسابيع قليلة فلم يعد قابلاً للطعن، بما أدى إلى مواصلة إجراءات التنفيذ كما شهدنا أمس.
تتشبث إدارة “فرنسبنك” بمواجهة القضاء بالتضليل والتحقير بدلاً من رضوخها للقانون وتسليم الحقوق والودائع لأصحابها، وذلك بعد أكثر من عامين من الإذلال الممنهج للمودعين. وتفوّقت إدارة “فرنسبنك” على نفسها أمس بالانحدار الأخلاقي الذي بلغته حين توعّدت بالامتناع عن صرف رواتب القطاع العام! أي الفئة الأكثر فقراً في لبنان اليوم، انتقاماً من عدالة القضاء ، وتلاعباً بعقول الناس والمودعين الذين ما زال العديد منهم لا يثق بإمكانية تحصيل وديعته عبر القضاء اللبناني، ولا يصدّق أنه قادرٌ، بالقانون وحده، على مجابهة بطش مصرفه.
يهمّ “رابطة المودعين” أن تشجع كل أصحاب الودائع المحجوزة لدى مصرف “فرنسبنك” على الاشتراك في الحجز التنفيذي الملقى على هذا المصرف تحصيلاً لودائعهم لديه من دون تأخير، وتؤكد جهوزيتها لتقديم كل دعم لمن يطلبه.
لقد حُسم الأمر أيها المودعين، المصارف لن تردّ لكم ودائعكم بالطرق الودية، فلا خيارَ لكم سوى التوجه إلى القضاء والحجز على أملاك المصارف التي تُمعن في إذلالكم وسرقتكم منذ عامين.